في الكويت كما في جميع دول العالم الأخرى، احتشد المصريون المقيمون في الخارج أمام السفارات المصرية، للتصويت في الانتخابات الرئاسية، في مشهد يوجه رسالة أهم بكثير من مجرد وضع ورقة في الصندوق الانتخابي باسم المرشح الذي اختاره الناخب.. رسالة تؤكد قناعة المصريين في الخارج بما تم من إصلاحات سياسية واقتصادية في مصر، خلال السنوات الماضية، ويقينهم بحاجة مصر الملحة إلى مواصلة هذه الإصلاحات، والسير بدولتهم نحو مستقبل أفضل.
لم يكن هذا الإقبال الكبير على التصويت، الذي عايشناه هنا في الكويت، وتابعناه على الشاشات في الكثير من دول العالم الأخرى، لم يكن إذن من فراغ، وإنما جاء معبرا عن حالة من التجاوب الصادق بين المواطنين المصريين المقيمين في الخارج، وما يجري في وطنهم، وإدراكهم بضرورة تعزيز وتدعيم تلك المسيرة التي انطلقت في مصر، والتي استطاعت تثبيت دعائم الأمن والاستقرار، كما حققت نجاحا كبيرا شهد به العالم كله، في مواجهة الإرهاب، الذي كان يهدد المجتمع المصري، ويسعى لبث الفتنة في صفوفه، وشهدت سيناء خلال الأشهر الماضية أفضل حالة من حالات أمنها واستقرارها، تزامنا مع حملة قوية بدأ التخطيط لها منذ فترة، لإعادة تعمير سيناء، وربطها بوادي ودلتا النيل، وإقامة الجامعات والمصانع بها، واستصلاح أراضيها للزراعة، وفتح آفاق الاستثمار والسياحة فيها إلى أقصى مدى.
لقد جاءت انتخابات الخارج كاشفة ومؤشرا لانتخابات الداخل التي ستجرى أواخر الشهر الجاري، ومعبرة بقوة عن طموحات المصريين وآمالهم، في رؤية مصر وهي تستعيد من جديد عافيتها، وتدشن انطلاقة اقتصادية وتنموية كبرى، تنقل شعبها إلى المستوى اللائق والجدير به. ويعي المصريون جميعا أن مشاركتهم في هذه الانتخابات، تشكل تعبيرا عن الاصطفاف الوطني، نحو غاية أكبر وأهم، تقع مسؤوليتها على عاتق الجميع دون استثناء.
يبقى أن نشير إلى أن تركيزنا على الاهتمام بهذا الاستحقاق الديمقراطي الكبير، خلال الأسابيع الماضية، ليس تدخلا في الشأن المصري، وإنما هو تأكيد على مدى أهمية مصر بالنسبة لنا، وإيماننا بأن امن الخليج هو من أمن مصر، كما ان امن مصر هو من امن الخليج، وأن بقاء مصر قوية وراسخة ومستقرة، يعني بالضرورة مزيدا من القوة والرسوخ والاستقرار لدول مجلس التعاون الخليجي، وهو ما نحرص دائما على تأكيده والتذكير به، لأنه يتعلق بأهم وأكبر مقومات الأمن القومي العربي.