عندما وقف رئيس مجلس الأمة خلال الجلسة الختامية لمؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي، في مدينة سانت بطرسبرغ الروسية، يتحدث عن معاناة الشعب الفلسطيني، وما يواجهه نوابه من عسف واضطهاد على يد الاحتلال الإسرائيلي، ويندد بالانتهاكات التي يمارسها الإسرائيليون، ويصفهم بأنهم «قتلة الأطفال»، لم يكن الغانم في موقفه المشرف هذا، يصدر عن سلوك فردي، أو وجهة نظر يتبناها هو، بل كان معبرا عن الشعب الكويتي كله، الذي حمل على عاتقه منذ سنوات طويلة، قيادة مكافحة التطبيع مع إسرائيل، ورفض أي نوع من التعامل معها، سواء كان سياسيا أو تجاريا أو ثقافيا أو رياضيا.. ولذلك عرفت الكويت على الصعيد العربي بأنها تمثل أقوى معارضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني.
من هنا أتى التقدير السامي لما فعله رئيس مجلس الأمة، والذي تجلى في الرسالة التي بعث بها صاحب السمو الأمير إلى الغانم، وأكد له فيها أن موقفه هذا «يجسد جليا موقف دولة الكويت الداعم للأشقاء الفلسطينيين لاستعادة حقوقهم المشروعة، ونصرة قضيتهم العادلة». ولقد كان لهذا التقدير الرفيع من القيادة السياسية، لما فعله رئيس البرلمان «مفعول السحر» ـ كما وصفه بحق الغانم نفسه ـ ليس فقط بالنسبة للوفد البرلماني الذي شارك في مؤتمر سانت بطرسبورغ، وإنما للشعب الكويتي كله، الذي أدرك أن قيادته متجاوبة معه، ومستوعبة لآماله وآلامه، ومدافعة عن ما يؤمن به من قيم ومبادئ، لأنها أيضا تتبنى القيم والمبادئ ذاتها، وترفض المساومة عليها، أو التخلي عن المطالبة بها، انتصارا لشعب عربي تعرض طويلا للظلم والقهر، وآن له أن ينال حقوقه، وأن يكون له في المحافل الدولية صوت قوي يعبر عنه، ويعد نفسه ممثلا له، وساعيا بكل ما يستطيع من جهد، لاستعادة حقوقه، ولإيصال رسالته إلى العالم كله.
إن الشعب الفلسطيني الذي يعتبر الشعب الوحيد في العالم الآن، الذي يعاني الاحتلال، ويتعرض لأسوأ انتهاكات، وتغتصب أرضه شبرا شبرا، يستحق ما فعله الغانم، ويستحق وقفة كل عربي حر، دفاعا عن حقوقه، ونصرة لقضيته، ويستحق تلك التزكية النبيلة التي جاءت من صاحب السمو أمير الإنسانية، الذي يبرهن في كل يوم على أن لقب «قائد العمل الإنساني»، الذي توجته به الأمم المتحدة، هو لقب مستحق، وأنه الأجدر به بالفعل، من بين كل زعماء العالم، تماما كجدارة الكويت بكونها «مركزا للعمل الإنساني»، فهي دولة تأبى الظلم والقهر، وتنادي بالحرية والعدالة والمساواة لكل شعوب الأرض.