لم تكن الكويت في حاجة إلى التكاتف والوقوف صفا واحدا، في وجه كل من يحاول إثارة النعرات الطائفية والقبلية والنزاعات وتهديد الوحدة الوطنية، خصوصا في ظل ما تشهده المنطقة من توترات وأوضاع بالغة الدقة، تحتم علينا أن نتمسك بعوامل القوة، وأسباب المنعة التي نتمتع بها، والتي جعلتنا نحتفظ بكل هذا الأمن والأمان والاستقرار الذي نعيشه الآن.
من هنا تأتي أهمية الدعوة التي وجهها صاحب السمو الأمير ، في كلمة سموه كعادته السنوية في العشر الأواخر من رمضان، بضرورة استخلاص العبر مما يحدث حولنا، وحماية الوطن، والتصدي لكل من يسعى إلى إثارة النعرات الطائفية والقبلية، وأن يعي الجميع ما يحدث حولنا من متغيرات، وأن يستشعروا أيضا طبيعة الظروف والأوضاع الراهنة والمخاطر «التي لسنا بمعزل عنها».. وهو وصف صادق ودقيق، ذلك أنه لم تعد هناك دولة بالفعل بمعزل أو بمنأى عن ما يحدث في المنطقة، والشواهد من حولنا كثيرة، ولا تحتاج إلى مزيد من الإيضاح، والكل يراها ويلمسها، والسعيد من اتعظ بغيره كما تقول العرب في أمثالها.
لا تقل عن ذلك أهمية تلك الدعوة التي وجهها سمو الأمير إلى أعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية، بالمزيد من التعاون لدفع التنمية وتلبية طموحات المواطنين.. وقد لمسنا مدى تجاوب السلطتين مع هذه الدعوة، ومع مضامين كلمة سموه، ويبقى أن نرى ذلك مطبقا على أرض الواقع، لأنه من دون هذا التعاون المنشود، فإنه لا يمكن أن تقوم لنا نهضة، أو تتحقق لنا تنمية، وسنبقى نراوح في مكاننا، ونتحسر على الفرص الكبيرة والكثيرة التي تفوتنا للحاق بركب العصر، والانضمام إلى قافلة الدول المتقدمة، التي تحول الثروة الطبيعية في أرضها إلى تنمية مستدامة، وتصبح قادرة على جذب الاستثمارات من كل دول العالم، وتوظيف قدرات أبنائها بشكل صحيح، لخدمة أهداف الوطن وإنجاز طموحاته وأحلامه.
وإذا كان صاحب السمو قد وضع وساما جديدا على صدر الإعلام الكويتي، مجددا ثقته به، وداعيا اياه إلى طرح القضايا من دون تهويل وإثارة، فما أحرى هذا الإعلام أن يكون على قدر هذه الثقة، وأن يبذل جهودا أكبر ليكون دائما عامل بناء، لا معول هدم، وأن يضع نصب عينيه أن الكويت هي وطن المحبة والتسامح، وأنها نبذت طوال تاريخها كل دواعي الفتنة، وبنت أعظم سياج حولها لحماية أمنها واستقرارها، وهو سياج الوحدة الوطنية، الذي ينبغي علينا وكل وسائل إعلامنا، أن نساهم في تعزيزه وتحصينه، وأن ننأى بنفسنا عن كل ما يشكل مساسا بوحدتنا وتماسكنا.
لقد حفلت كلمة صاحب السمو بالكثير من الرسائل المهمة، وهي رسائل موجهة إلينا جميعا، أفرادا ومؤسسات، والمأمول أن تجد هذه الرسائل ترجمة عملية لها، من أجل خير وازدهار، وأمن أمان هذا كويتنا العزيزة.