اكد المستشار الاقتصادي في الديوان الأميري، يوسف الإبراهيم أن التحدي المشترك الذي يواجه الكثير من بلدان المنطقة يكمن في تصميم برامج الإصلاح، وتنفيذها بما يساعد على تخفيض معدلات البطالة والفقر، وضبط أوضاع المالية العامة، وزيادة النمو بأسلوب احتوائي ومستدام ومنصف.
جاء ذلك خلال حلقة نقاشية عقدها صندوق النقد الدولي، وترأسها المستشار يوسف الإبراهيم، بمشاركة كل من نائب مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، عاصم حسين، بيّن روديه أن هناك عددا من العوائق المهمة التي لابدّ للكويت من تجاوزها.
وقال الإبراهيم: أن موضوع إصلاح القطاع الاقتصادي والمالي يكتسي أهمية كبيرة في البلدان العربية، لاسيما في ظل استمرار النزاعات في المنطقة، وأزمة اللجوء فيها، والمناخ الذي يشهد استمرار أسعار النفط المنخفضة لفترة أطول، وخصوصا بالنسبة لبلدان مجلس التعاون الخليجي.
وأفاد الإبراهيم أن هذه الحلقة النقاشية هي الحلقة السابعة ضمن سلسلة المنتديات النقاشية رفيعة المستوى التي ينظمها مركز «صندوق النقد» بالاشتراك مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، وتهدف إلى مناقشة مستجدات القضايا الاقتصادية التي تشكل محط اهتمام خاص لواضعي السياسات والباحثين في الكويت والعالم العربي عموما.
ومن جانبه رأى رئيس بعثة صندوق النقد الدولي لتقييم الأوضاع الاقتصادية في الكويت، ستيفان روديه، أن على الكويت الابتعاد تدريجيا عن نموذج النمو الذي يقوده القطاع العام والنفط، والتوجه نحو نموذج آخر قائم على تطوير القطاع الخاص والتنويع.
ولفت إلى أنه وبالنظر إلى النطاق المحدود للوظائف في القطاع العام خلال الفترة المقبلة، فإنه ينبغي أن تقود إصلاحات سوق العمل والخدمة المدنية إلى تشجيع المواطنين على البحث عن وظائف في القطاع الخاص، مشيرا إلى الفرق الكبير بين الأجور في القطاعين، وغياب المحفزات التي تدفع المواطنين للتوجه لـ «الخاص».
وأوضح أن تقارب الأجور والمزايا في القطاعين من شأنه أن يخلق المزيد من الحوافز التي تدفع المواطنين إلى البحث عن وظائف في شركات القطاع الخاص، لافتا إلى أن ذلك من شأنه أن يحدّ من تكاليف الأجور في «الخاص»، ويشجع الشركات على توظيف المواطنين، ويعزز القدرة التنافسية، ويحقق نموا مرتفعا وأكثر احتواء إذا ما رافقه التعامل مع إصلاحات قطاع التعليم بطريقة تهدف إلى مواءمة أفضل بين مهارات الخريجين واحتياجات سوق العمل.
وأفاد روديه أن هناك خطوات أخرى تُعد جوهرية لتطوير القطاع الخاص، والتنويع الاقتصادي، وإيجاد الوظائف للمواطنين، وتشمل تعزيز الاعتماد على الخصخصة، ومشاريع الشراكة بين القطاعين، مبينا أن هذه المشاريع تسهم في تقليص تأثير الدولة على الاقتصاد، وتهيئة الأرضية لمنافسة عادلة بين الجميع.
وأوضح أن فصل الإنفاق الحكومي عن الإيرادات النفطية المتقلبة من شأنه أن يساعد على الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي عن طريق تفادي تقلبات كبيرة في الإنفاق بفعل التحركات الحادة لأسعار النفط.
ونوّه روديه بالجهود التي بذلتها الحكومة في الكثير من المجالات المهمة، لاسيما على صعيد كبح جماح الهدر في الإنفاق، ورفع أسعار البنزين والكهرباء، لافتا إلى أن هناك عددا من مجالات الإصلاح المهمة التي من شأنها أن تزيد من الوفورات الحكومية بشكل أكبر. وبيّن أن الإيرادات الضريبية في الكويت تمثل بشكل استثنائي جزءا أصغر من المعتاد من إجمالي الإيرادات، مضيفا أن الإصلاحات المزمعة على صعيد ضريبة القيمة المضافة، والضريبة الانتقائية على الإنتاج، والضريبة على الأرباح ستساعد على بناء قاعدة إيرادات غير نفطية، وبالتالي تقليل حجم التعرض للمخاطر الناجمة عن تحركات أسعار النفط.
من جهته، أكد عاصم حسين أن آفاق النمو آخذة بالتحسن نوعا ما في مختلف بلدان المنطقة، مشيرا إلى أن أحدث تقرير أصدره «صندوق النقد» حول آفاق الاقتصاد الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يظهر وجود تباين في النمو لدى مجموعتين مختلفتين ضمن بلدان المنطقة.
وتوقّع أن ينخفض معدل النمو الكلي في البلدان المصدرة للنفط إلى ما دون 2 في المائة بسبب خفض الإنتاج النفطي بموجب اتفاق «أوبك»، وذلك على الرغم من حصول تحسن في معدل النمو غير النفطي الذي وصل إلى 2.6 في المائة خلال السنة الحالية.
وفي المقابل، لفت حسين إلى استمرار تعافي النمو في البلدان المستوردة للنفط ليصل إلى أكثر من 4.25 في المائة هذا العام، وهو ما يعكس التعافي العالمي عموما، وزيادة قوة الصادرات، والاستثمار الأجنبي، وارتفاع إيرادات قطاع السياحة.
وأشاد حسين بالتقدّم الذي يتم إحرازه في تعديل أوضاع المالية العامة في المنطقة، وخصوصا في البلدان المصدرة للنفط، حيث أدى التراجع الحاد في أسعار النفط إلى ظهور حالات عجز كبيرة.
وأبرز عددا من مجالات الإصلاح التي اعتبرها جوهرية لتحقيق الأهداف، حيث أكد على الحاجة إلى تحسين نوعية التعليم وجودته، موضحا على وجه الخصوص طبيعة التدريب المطلوب لتلبية احتياجات القطاع الخاص التي قد تختلف عن احتياجات الحكومة.